قُل وداعا

تابعنا على:   10:52 2022-07-07

د. سرجون كرم

أمد/ نحن؟
نحن أذنابٌ وبشرٌ لا يستحي،
فارمِ سؤالكَ (من نحن؟)
الذي كتبتَه "في وريقةٍ مخضوبةٍ بدمِك الطليلِ
يا ابراهيمُ"
في كيسٍ أسودَ للخضار
وتعال تمشّ بيننا
رجلا مثلنا
عاشقًا وعشيقًا
سائحًا بصّاصًا أمام القلاع والأبراج القديمة
لا فوقها.
وامشِ معنا إلى حافّة تطلّ على أخضرَ وماء
نأكل الفلافل التي اشترينا من دكّان رخيص
في سوق عصر النهضة العربيّة
التي أنجبتك
ولدًا لها عاقًّا
وديعًا
يغرّد خارج السرب
ومظلومًا
محكومًا مسبقًا بالإعدام.
وَدَعْنا من حديث النسورِ
وتأمّلْ معنا النورسَ
والحمامْ
واضحك معنا حين يتسمّر في الفضاء فوقنا
طيرٌ من فصيلة الصقورِ
نطلق عليه في قرانا اسم
"نكّاء الهواءْ".
ولا تسأل عمّا دهاني
فدونَكَ
ودونَ أبي ومن يحبّ
وبعض من شاكلكما
لم أرَ سوى
المسوخِ
والأفدامِ
ولصوصِ الهيكلِ أمامي.
فكرمى للرصاص
الذي استعرناه من نظام العروبة الدنيء
ولم نجد أين نفرغه
فأفرغ بعضَه
هو فينا
وأفرغنا الباقي
نحن فينا،
كرمى لأمّهات الشهداء اللواتي
ضربناهنّ بأعقاب البنادق
حين انقسمنا فيك
وعليك،
كرمى للأطفال الذين يتّمنا أيامَهم
حين قنصنا آباءهم
على الشرفات،
رحمةً بالطبول التي صنعناها باسمكَ
"وانبخشت" من القرع
في أعراسنا ومآتمنا،
رحمةً بالأحذية التي صنعناها باسمك
فأكلت أقدامَنا وأرواحَنا
الغرغرينا،
لأجل شجيرة
زرعها أبي في طفولتي فيّ
وخنقتني جذورُها في شبابي،
اخرج من مسامِنا بسرعة البرق
مثل ماء يتطاير ويتجمّد إن انفصلت قطرةٌ عن أختها
مثل حجارة تتزاوج وتتراكم على شكل أبي الهول
مثل شرٍّ
مستطيرٍ
يتزاحمُ في شراييننا،
كي يبتعدَ موتُنا بأيدينا عنّا
شِبرين أو فِترين
فنشمَّ الهواء
من بين سكينيّ المقصلة،
كي أعلّمَ الحزن
كيف أنّ الحياةَ رغم الخيبة تبقى جميلةً
حتى ولو ذهبت فلسطين إلى الجحيمِ
وخُسِفَتِ الأرضُ بكيليكيا واسكندرونا
حتّى ولو أن شواطئَ قبرصَ وبيروت
وشوارع بغداد ودمشق
مرصوفةٌ بالعاهرات.
من نحنُ؟
نحن لمثلك
ولجهاد آبائنا
سوطُ عذاب.
لا أحدَ نحنُ
لا شيءَ نحنُ
وأنت؟ هل ترى خيرًا؟
أنا والله أرى لؤمًا كثيرًا
فتوكّل وقل "وداعًا" لا "شكرًا"
يا زعيمُ

اخر الأخبار