مؤامرة السابع من أكتوبر الكبرى

تابعنا على:   23:09 2024-05-02

حميد قرمان 

أمد/ بعيداً عن محاولات البعض تقديم توضيحات أو شروحات عن التساهل الاسرائيلي لاقتحام مجموعات مسلحة فلسطينية حدود قطاع غزة نحو الكيان وأسرهم وقتلهم إسرائليين، وبعيداً عن سردية قصص البطولة والأساطير التي تمزج بين الخيال والواقع التي يتفاخر بها قادة حركة حماس في توصيف ما حصل، وبعيداً عن لغة التهويل أو المبالغة أو التضليل التي يمتهنها السياسيون للتخفيف من وقع ما تلا من حرب إبادة وتدمير بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، يشق التفسير والتأويل طريقه بصعوبة أمام حقيقة ما يحدث، واضعاً أسس نظرية لمقاربات موضوعية قاصرة عن فهم ما جرى في ذلك اليوم المشؤوم؛ هل كانت مؤامرة جُررنا إليها أم مغامرة عسكرية غير محسوبة النتائج أم مخطط إقليمي مبني على حسابات خاطئة كان الشعب الفلسطيني رأس حربته؟

 

في الماضي القريب قبل النكبة، وبالتحديد في عام 1940، وعندما كان الانتداب البريطاني في فلسطين ينظم عمليات الهجرة اليهودية من أوروبا إلى الأراضي الفلسطينية، رأت العصابات اليهودية، الارجون والشتيرون، أن العمليات البريطانية المنظمة تحولت إلى عقبة أمام الحلم الصهيوني، بسبب محدودية سقف أعداد المهاجرين اليهود، لذلك كان يجب دفع البريطانيين إلى قبول أعداد أكبر من اليهود المهاجرين، فقامت العصابات اليهودية بتفجير جانب من سفينة باتريا الفرنسية التي كانت تحمل على متنها أكثر من 1800 مهاجر يهودي، مما تسبب بمقتل ما يقارب 240 وجرح عشرات من اليهود لإجبار قوات الانتداب البريطاني على قبول هجرة باقي اليهود المتواجدين على ظهر السفينة قبل غرقها.

 

بالعودة إلى السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، نرى اليوم، وبعد مرور أكثر من 200 يوم على ذلك التاريخ، بأن سردية الاحتلال التي تصور الإسرائيلي كضحية لتمرير مشاريع سياسية وعسكرية تهدف في المقام الأول إلى تفريغ الأرض الفلسطينية من سكانها الأصليين؛ عقلية ما زالت تعمل بذات الأساليب الدموية التي أسست دولة الاحتلال عام 1948، والتي ترى في شعبها جسراً لتمرير أهداف استعمارية احتلالية عبر خلق بيئة طاردة للفلسطينيين، بيئة لم يخلقها حصار غزة على مدار 17 عاماً، فكان لا بد من حدث أكبر يحقق هذه الأهداف تماماً كما كانت المجازر عام 1948 السبب في دفعات اللجوء الفلسطينية نحو دول الطوق؛ موجات لجوء تكسر المعادلة الديمغرافية القائمة على تعادل بين الشعبين على ذات الأرض لصالح شعب الاحتلال.

 

في المحصلة، وبالنظر بعين التمحيص لما جرى يوم السابع من تشرين الأول (أكتوبر) وما تلاه من مصائب حلت على الشعب الفلسطيني الأعزل، نرى أن الثمن المدفوع فلسطينياً مرتفع بعيداً عن الترويج له كنصر لاعتبارات فصائلية ضيقة ما زالت تعتبر أن ذلك اليوم المشؤوم هو إنجاز لم يأت التاريخ بمثيل له، وهو ما يضعنا أمام تسؤلات عديدة تأتي في سياق ما طُرح في بداية المقال لتصب في جزئية في مشهد الصراع الدائر الذي لم يُلق الضوء على أسبابه وأهدافه بعد، وهو بناء ميناء أميركي يطل على مناطق الغاز والنفط قبالة شواطئ غزة، مما يعني أنَّ الولايات المتحدة ستكون شريكاً، بل صاحبة الكلمة الأولى، في المرحلة القادمة، أي مرحلة ما بعد الحرب في غزة، دون إذن أو تفويض من أحد سواءً فلسطيني أو إسرائيلي أو حتى عربي.

 

كلمات دلالية

اخر الأخبار