الإعلان الدستوري والقانون

تابعنا على:   15:16 2025-10-28

عمر حلمي الغول

أمد/ في زاوية الامس الاثنين 27 تشرين اول / أكتوبر الحالي كتبت عن " خلفية اعلان دستوري جديد" أول أمس الاحد وجاءت قراءتي متفهمة لخلفية صانع القرار، ومن موقع المتفهم للمسببات الموضوعية والضاغطة في صدور الإعلان الجديد المتعلق بتكليف حسين الشيخ نائب الرئيس محمود عباس في منظمة التحرير ودولة فلسطين، لتولي رئاسة السلطة في حال شغور موقع الرئيس لمدة 90 يوما، تجري خلالها انتخابات رئاسية لاختيار رئيس جديد، وفي حال لم تجر الانتخابات لأسباب قاهرة تمدد ل 90 يوما إضافية لمرة واحدة فقط. لكن حتى تستقيم قراءتي للملف الاشكالي بشكل موضوعي، رأيت من الضروري التأكيد على موقفي الثابت والاساس من مسألة الشغور، وضورة الفصل بين التفهم والموقف المبدئي في مسألة الشغور.
ولم أشر فيما كتبت أمس، لا من قريب أو بعيد لدور المجلس الوطني برلمان الشعب الفلسطيني الاول، الا مرة واحدة وردت في الفقرة الأخيرة من المقالة "في حال تعثر اجراء انتخابات خلال ستة شهور يمكن ان يتدخل المجلس المركزي بتكليف شخصية أخرى للأشراف على الانتخابات"، ولم يكن ذلك عن تجاهل، او نسيان، أو اسقاط أهمية ومكانة المجلس الوطني المركزية في حياة ومصير الشعب والمنظمة، التي سعى البعض الى ابعادها عن المشهد. لكن اغفلت دون قصد دور رئيس المحكمة الدستورية كأحد الخيارات الهامة والاساسية في ملئ الفراغ الدستوري في حال شغور موقع الرئيس.
لذا ولتعميق الحوار حول شغور موقع رئيس السلطة، فأنني اعود للتأكيد مجددا وتعميقا لمواقفي التاريخية السابقة بهذا الشأن، وحتى لا يبدو تفهمي في اصدار الإعلان الدستوري الجديد، بانه انقلاب على القانون والمنطق والمصلحة الوطنية، وعليه وجب التوضيح، كانت الضرورة تفرض اعتماد الإعلان رقم (1) لعام 2024 الصادر في 27 تشرين ثاني / نوفمبر 2024 بما تضمنه، لأن الأساس في حالة الشغور في الدول البرلمانية والرئاسية البرلمانية لموقع رئيس البلاد، بتولي رئيس البرلمان، في حالتنا الفلسطينية ونتاج غياب الغرفة الصغرى - المجلس التشريعي، يكون رئيس أعلى هيئة برلمانية فلسطينية، وهي المجلس الوطني. لأن ذلك لا يتناقض مع وجود نائب رئيس. لا سيما وان قرار المجلس المركزي الفلسطيني الذي صوت فيه على تعيين نائب رئيس للمنظمة ودولة فلسطين، منح الرئيس الصلاحيات الكاملة لتحديد مهامه وصلاحياته وحقه في اقالته او قبول استقالته، وبالتالي الازدواجية والغموض في المهام بين رئيس المجلس الوطني ونائب الرئيس كان يمكن تجاوزها، بالعكس كانت أفضل بالنسبة لنائب الرئيس، لماذا؟ لأنها تمنحه الفرصة للترشح لانتخابات الرئاسة، ولكن في ظل الإعلان الدستوري الجديد أول أمس، لا يحق له الترشح، الا إذا استقال من رئاسة الدولة، وهو ما يحول بينه وبين استمراره في مركز القرار الأول، الا في حال حالت الظروف الذاتية والموضوعية دون خروجه من رئاسة السلطة.
ورغم تفهمي للمسببات وراء الإعلان الدستوري الجديد، غير أني اعتقد، ان إصداره قد يكون حمل في ثناياه ابعادا غير التي أرادها الرئيس أبو مازن، التي ضمنتها مقالتي أمس، لأن تجاوز المجلس الوطني، بغض النظر عمن يقف على رأسه إن كان روحي فتوح أو أي شخص آخر، وضع ضلالا على دور منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب العربي الفلسطيني، وعلى دور المجلس الوطني البرلمان الأول والاساسي للشعب في كل الدنيا. وكانت الضرورة تملي التأني قليلا قبل اصدار الإعلان الدستوري الجديد، ومناقشة الامر مع رجال القانون والمؤسسات القيادية الفلسطينية للوقوف على وجهات النظر المختلفة، وإيجاد المخرج القانوني المناسب.
أضف لماذا لم يذهب الرئيس عباس الى خيار تكليف رئيس المحكمة الدستورية لملئ الشغور الرئاسي، واجراء انتخابات رئاسية خلال ال 90 يوما الممنوحة له، إذا كان مضطرا لإلغاء الإعلان الدستوري رقم (1) لسنة 2024، وبذلك يكون أخرج نفسه من دوامة الأسئلة المثارة حول "ضرورة اصدار الإعلان الدستوري الجديد من عدم ضرورته"، وذهاب البعض لحد الاعتقاد ان المستهدف المجلس الوطني بما يمثل، لا رئيسه فقط، وفي ذات الوقت، فتح الباب أمام رئيس المجلس الوطني ونائب الرئيس للترشح لانتخابات الرئاسة في حال شغور موقع الرئيس.
ما يهمني هنا في هذه الزاوية، وانا اتفهم المسببات الموضوعية في اصدار الإعلان الدستوري الجديد، الا أني لا احيد عن قناعتي ان الأولوية كانت ومازالت لصالح تكليف رئيس المجلس الوطني، لأنه عنوان الشعب الأول، ومصدر التشريع الأساس، وهو المؤسسة الأولى بعد الشعب مصدر الحكم وصاحب الصلاحيات التقريرية في مستقبله السياسي والكفاحي ومجالات الدنيا كافة. ولا يحق لأي كان مصادرة هذا الدور، أو القفز عنه، والرئيس عباس كان ومازال حامي الشرعيات، وملتزم بالقانون والتأصيل له وتعميق دوره في حياة الشعب والمؤسسات والعلاقات بينهم.
 

اخر الأخبار